أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب وظائف للأردنيين مجتمع مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مستثمرون الموقف شهادة جاهات واعراس مناسبات جامعات بنوك وشركات دين ثقافة اخبار خفيفة رياضة سياحة الأسرة طقس اليوم

القبيلات يكتب: الشيخ تميم في عمّان.. ضيف غير عادي على الأردن.. في واحدة من أكثر المراحل خطورة وتعقيدًا في التاريخ الحديث

مدار الساعة,مناسبات أردنية,الملك عبدالله الثاني,الشيخ تميم بن حمد
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة - كتب:إبراهيم قبيلات (ناشر موقع نيسان الإخباري )-محطة استراتيجية تشهدها عاصمتنا. صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر ضيفا غير عادي على الاردن.

في العادة لا يتوقف المواطن العادي كثيرا عند الاحداث الرسمية، لكن الزيارة المرتقبة التي يستقبل فيها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين سمو أمير قطر شأن خاص حتى على المواطن العادي لما لقطر من رمزية في وجدان الاردنيين.

هذا من حيث عين الشقيق لشقيقه، اما سياسيا فإن فاعلية الدبلوماسية العربية وقدرتها على الانتقال من مرحلة البيانات الجماعية إلى مرحلة التنفيذ والتأثير الفعلي على الأرض، في ظل واحدة من أحلك الأزمات التي تمر بها المنطقة، ستمتحن بكثير من التدقيق.

يأتي هذا اللقاء في سياقات إقليمية بالغة التعقيد، وبعد وقت قصير من انتهاء أعمال القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة، التي شكلت لحظة تضامن عربية وإسلامية نادرة.

القيمة الحقيقية لهذا التضامن تُقاس بمدى فاعليته على أرض الواقع. وهنا، تبرز زيارة عمّان كجسر يربط بين "القرار" و"التنفيذ". فبينما قدمت الدوحة المنصة لإعلان موقف عربي-إسلامي موحد، توفر عمّان حاضنة للحوار الثنائي الاستراتيجي الذي يبحث آليات تحويل هذا الموقف إلى ضغط دبلوماسي ملموس، ووضع مسارات عملية لوقف نزيف الدم في غزة.

إن قطر والأردن تشكلان جبهة دبلوماسية في وجه الضغط الإسرائيلي. تدرك عمان ان التطورات الإقليمية الأخيرة، وخاصة الاستهداف الإسرائيلي لمكتب اللجنة الوطنية القطرية لإعادة إعمار غزة، أضافت بعدا جديدا للعلاقة مع الكيان المحتل.

في الحقيقة لم تعد قطر مجرد وسيط أو لاعب دبلوماسي "محايد"، بل أصبحت طرفا مباشرا في خط النار الدبلوماسي والسياسي.

الرسالة التي وصلت الاردنيين من العدوان على قيادة الحركة الاسلامية حماس في قطر ليس مجرد استهداف لمبنى، بل هو محاولة متعمدة لتقويض الدور الإقليمي لقطر ووساطتها، وتصغير أي جهود لا تتماشى مع الحسابات الإسرائيلية.

في هذا الإطار، يكتسب لقاء سمو الأمير تميم بجلالة الملك عبدالله طبيعة مختلفة، فهو ليس مجرد تنسيق بين حليفين، بل هو تشاور بين قيادتين تدركان تماما ثمن الموقف ومخاطر الدفاع عن القضية الفلسطينية على الساحة الدولية. الأردن، بقيادة الملك عبدالله الثاني، كان دائما صوتا صريحا وداعما قويا للقضية، ويتحمل عبئا جيوسياسيا مباشرا نتيجة التصعيد.

وقطر، بقيادة سمو الأمير تميم، تتحمل الآن عبئا مماثلا بعد هذا الاستفزاز الإسرائيلي المباشر، والذي قوض أي وهم بـ "الوساطة المحايدة"، ووضع الكيان المحتل في موقع المعتدي المباشر على الجهود الدبلوماسية العربية.

يعني هذا اللقاء توحيد جبهتين تتعرضان لضغوط متزايدة، وتتجه أجندته نحو تفكيك الشيفرة الإقليمية المعقدة؛ ما يفرض على عمّان والدوحة بحث سبل توظيف هذه الحادثة لفضح الممارسات الإسرائيلية وكسر احتكار الرواية الغربية للأحداث، بالإضافة إلى بناء جبهة صمود اقتصادية وسياسية.

تدرك القيادتان أن المعركة ليست فقط لوقف إطلاق النار، بل لتشكيل مستقبل القطاع والضفة. وأن أي حل دون قيادة فلسطينية موحدة ومشروع دولة مستقلة محكوم عليه بالفشل. وهذا يعني أن تنسيق الرؤى بين عمّان والدوحة، اللتين تتمتعان بنفوذ وقبول لدى الأطراف الفلسطينية المختلفة، سيكون حاسمًا لأي تسوية سياسية مستقبلية.

زيارة سمو الأمير تميم بن حمد إلى الملك عبدالله الثاني هي رسالة إلى الداخل العربي أولًا، بأن قيادات الأمة لا تتنصل من مسؤولياتها التاريخية، وإلى العالم ثانيًا، بأن الدبلوماسية العربية، رغم كل الضغوط والمخاطر، ما زالت قادرة على المبادرة وفرض نفسها كطرف لا غنى عنه في أي معادلة إقليمية.

العالم سيراقب هذا اللقاء عن كثب، ليس فقط لمعرفة ما سيتمخض عنه من مواقف، بل لأنه سيبعث بإشارة على اتجاه البوصلة العربية في واحدة من أكثر المراحل خطورة وتعقيدًا في التاريخ الحديث.


مدار الساعة ـ