أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب وظائف للأردنيين مجتمع مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مستثمرون الموقف شهادة جاهات واعراس مناسبات جامعات بنوك وشركات دين اخبار خفيفة رياضة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

ابو زيد يكتب: قمة الدوحة العربية الإسلامية واللقاء الاستثنائي في عمان المجد!!


زيد ابوزيد
أمين سر المكتب السياسي لحزب مسار

ابو زيد يكتب: قمة الدوحة العربية الإسلامية واللقاء الاستثنائي في عمان المجد!!

زيد ابوزيد
زيد ابوزيد
أمين سر المكتب السياسي لحزب مسار
مدار الساعة ـ

دعت دولة قطر العربية إلى قمة عربية- إسلامية في الدوحة بعد العدوان الصهيوني الغادر على العاصمة العربية الدوحة وتنفيذ عمليات إغتيال بحق مواطنين من دولة قطر الشقيقة وفلسطينين مقيمين في قطر بحكم دورها كوسيط مفاوض في الصراع المحتدم في قطاع غزة ولوقف عملية الإبادة الجماعية والتهجير والتشريد والتهويد الذي تقوم به قوات الاحتلال الصهيوني في جريمة أقل ما يقال فيها أنها هولكوست الألفية الثالثة بل أنها تجاوزت ما وقع من قتلى في هولكوست الحرب العالمية الثانية.

لقد لبى أردن المجد الدعوة ، وكان جلالة الملك صريحًا ملفتًا في موقفه الحاسم من العدوان ، حديثه كالشهد وصلابته تعبر عن رجولة قائد تاريخي ملهم لوطنه ولامته، وكان خطابه يحمل عبارات التشديد على أهمية التضامن الصريح والحاسم مع قطر بل والأمة العربية وكانت فلسطين كالعادة عنونًا عريضا في خطابه التاريخي وانتهت القمة إلى ما انتهت إليه وكان واضحًا للعالم أن الخطاب هذه المرة لكل القادة غير الخطاب التقليدي فقد بلغ السيل الزبى وتجاوز الكيان الصهيوني كل الحدود بمحاولة قتل المفاوضين في عاصمة التفاوض في وقاحة غير معهودة عرفًا وممارسة ولكنه الكيان الصهيوني الذي لا يحترم أي مواثيق أو عهود أو حتى تقاليد ولا يتملك أبسط أبجديات السياسة فحكومته عصابة كشتيرن والهاجاناة وبالماخ ولا تمتلك أي حس بالمسؤلية الأخلاقية، ولا تمتلك أي احترام للشرعية الدوليه وهي حقيقة بات العالم كافه يعرفها ، كيف لا ومتطرفي الكيان يصرون على رفض وجود دولة فلسطينية ورفض كل ما صدر عن الجمعية العامة ومجلس الامن وعصبة الامن، ولا يريد أي ضغط من دول العالم للاعتراف بفلسطين بل يصر على ضم الضفة الغربية وتهجير سكانه فأي مستقبل ينتظر العرب والمسلمين في ظل هذا التطرف الصهيوني ، وهنا كان الموقف الحاسم لجلالة الملك والقادة في القمة.

وعقب القمة ، بل في كواليسها تأكد جلالة الملك عبد الله الثاني سليل الأطهار من بني هاشم ان أمير قطر سمو الشيخ تميم سيقوم بتلبية الدعوة لزيارة عمان المجد والتاريخ رغم ظروف دولة قطر في تعبير عن محبة الأردن شعبا وقائدا وأرضا لأن أمير قطر يعلم أهمية اللقاء مع الملك وتأثير جلالة الملك في المجتمع الدولي ولأن الأردن بوصلة المنطقة وصمام أمانها، ونقطة ارتكاز الحل لأزمات المنطقة إن اتخذ العالم العربي قراراً بالتضامن والوحدة في مواجهة العاصفة الصهيونية المنفلته من عقالها وفي التصدي للمشاريع التوسعية للكيان الصهيوني ورئيس وزراءه المتطرف وحكومته المجرمة، كما أن سمو الشيخ تميم قائد فذ يعرف كيف يواجه هذه التحديات.

وهنا لا بدَّ من الغوص في تفاصيل المشهد العربي والإسلامي لفهم طبيعة المواجهة بمختلف صورها؟، فقد مرت الجغرافيا السياسية العربية على المستوى الإستراتيجي بأزمة لا مثيل في محاولات الكيان الصهيوني لإعادة تشكيل الجغرافيا في المنطقة وفق رؤية أحادية الجانب تستهدف المحافظة على مصالحه فقط ومصالح النظام العالمي الجديد كما يسوق حتى لو أدى ذلك إلى الإطاحة بأنظمة ودول عربية عديدة، وإعادة الاعتبار لاتفاقيات التفتيت والتجزئة مثل سايكس- بيكو؛ حفاظًا على الكيان الصهيوني بوصفه جزءًا رئيسًا من مكونات النظام العالمي الجديد الحيوية، وهو خطاب يكرر رئيس وزراء الكيان المحتل تكراره معتبرًا دولة الكيان الصهيوني نقطة ارتكاز العالم في كذبة مفضوحة عمليًا ولكنه يورط العالم بتكرارها.

ولم يتضح بشكل جلي حتى الآن، إلى متى وكيف ستنفذ هذه الخطط على الرغم من ملامح السياسات الاستراتيجية للأمريكين، وما هي مراحل ترتيب المنطقة، ولكننا نعتقد أنّ حروب الكيان الصهيوني ضد المقاومة اللبنانية في صيف 2006، والحرب على غزة بعد حصارها عام 2008، وبداية2009، وعام 2014، و2023، وقصف إيران وسوريا واليمن وأخيراً قطر هي جزء رئيس من عملية الاستهداف المدروس ضمن آليات هذا التغيير، كما تدخل مبادرات دمج الكيان الصهيوني ضمن السياق الاستراتيجي الأمريكي- الأوروبي ذاته للسيطرة على المنطقة والعالم رغم الخطاب الأوروبي المتنصل من سياسات نتنياهو بمحاولة توريطه، كما أنّ الضغط على سوريا وابتزازها بعد تسلم نظام الشرع السلطة نقلة جديدة في مستهل هذا التغيير الاستراتيجي المذكور والذي لن يتحقق باعتقادي وسيبقى أوهام، رغم محاولات الكيان للعب على الوتر المذهبي للتعبير عن أنّ التفتيت المذهبي في غير مكان في الجسد العربي سيكون مدخلًا آخر للتجزئة والتفتيت وهنا استحق لقاء الشقيقين الأردني والقطري في عمان العروبة.

إنّ الأفعال الصهيونية والأمريكية والأوروبية السابقة تمثل صدى ما يقال في أروقة السياسة الدولية، عن تقسيم عدد من الدول العربية، مثل ليبيا والعراق ولبنان والسودان، واللافت للنظر أنّ المصادر الأوروبية التي تتحدث أيضًا عن هذا التشكيل السياسي الجديد للجغرافيا العربية لا تستثني المملكة العربية السعودية ، بل كل الخليج من التغيير وإعادة التشكيل ، وهذا تحدث به بشكل استنكاري رئيس وزراء قطر وزير الخارجية.

إنّ إجبار بعض الأقطار العربية على الالتحاق بالسياسة الأمريكية في محاربة ظاهرة الإرهاب، يوفر فرصة ذهبية لبعض الحكومات العربية لتضع طوق نجاة مرحليًّا في مواجهة العواصف القادمة التي تستهدف إعادة رسم جغرافية المنطقة، إذ ثمة معطيات تؤكد ظهور خطوط تماس سياسية في دول عربية حليفة للولايات المتحدة الأمريكية، على الرغم من الموقف الأردني الأشد تماسكًا والأكثر فهمًا لما يحصل الذي اتّبع سياسة خارجية أكثر حكمة، واتّبع سياسة أمنية أنيقة، لا يُنسَب الفضل فيها للحكومات الأردنية التي تخبطت وتعثرت في أكثر من موقف، بل لجلة الملك المفدى الذي يقود السياسة الخارجية بميزان أكثر دقة من ميزان الذهب.

وفي هذا السياق، فإنّ العولمة الأمريكية التي تعمل لصالح الصهيونية جعلت المشروع الإقليمي الأمريكي المعروف باسم الشرق الأوسط الكبير يقوم على اندماج الإمبريالية الأمريكية بالصهيونية في شكل إمبريالي جديد، يكون قادرًا على دفع نيران العولمة العسكرية إلى قلب المنطقة العربية مستقبلًاوهذا مصدر الخطر الحقيقي في ظل ما نسمع من تصريحات أمريكية مبررة حينًا ومدافعة أكثر الأحيان بل ومشاركة ومساندة للمشروع الصهيوني التوسعي.

وأمّا في النموذج الفلسطيني، فإنّ أحداث غزة الأخيرة، بما فيها من حصار وتشريد وقتل وترويع لأهل غزة، ومحاصرة للإرادة الفلسطينية الممثلة بسلطة الحكم ، وفصلها سياسيًّا عن قطاع غزة، أكدت ما ذكرناه في أنّ نظام الشرق الأوسط الكبير، والمشروع الصهيوني وجهان لعُملة واحدة هدفها أن تكرّس التفوق الصهيوني على العرب، لا فقط في نطاق القوة المادية، وإنما في نطاق القوة الأخلاقية أيضًا، حيث رأينا كيف أنّ أدوات العولمة الإعلامية تعمل لطمس الجريمة الصهيونية باحتلال فلسطين واستيطانها، بما يكفُل محو أثر تلك الجريمة من وعي الأجيال العربية القادمة.

وأمّا العلاقة بين اللاجئين الفلسطينيين ووطنهم السليب، فإنّها ستتعرض للشرخ على المستويات القانونية والسياسية، بحيث تسقط قضية حق العودة، مثلما أُسقِطت قضية التحرير، وتتحول قضية اللاجئين الفلسطينيين من قضية سياسية وطنية وقومية وإسلامية ودولية إلى قضية إنسانية تسّوى بما يتوافر من النقود لغسل عار الصهيونية وإخفاء معالم جريمتها.

إنّ تداعيات ما جرى في غزة سيكون لها أثر كبير في مخطط يتجاوز العدوان العسكري، إلى تفكيك الدول والمجتمعات العربية، قبل أن يُعاد تشكيلها، ليُلقى العرب على قارعة التاريخ العالمي كما يكرر نتنياهو ، وهنا كان الموعد للقاء الزعيمين عبدالله الثاني وتميم في عمان بعد قمة الدوحة ليكون الرد بمستوى الأحداث وليرتقي التنسيق إلى أعلى درجاته بين الشقيقين خاصة وموقف جلالة الملك عبد اتلله كاان واضحًا حين قال انَّ الاعتداء على قطر يمثل اعتداً على الأردن ويجب التصدي فوراً للعنجهية والاستبداد الصهيوني.

لقد قامت إستراتيجية الإدارة الأمريكية في القرن الحادي والعشرين المعروفة باسم "إستراتيجية بوش الكبرى"، بهدف التوسع الإمبراطوري الأمريكي اقتصاديًا وعسكريًا ، غير أنّ الفشل الأمريكي في احتواء الصراعات العالمية عبر هذه السياسة الأحادية وعلى امتداد عقود وعدة رئاسات أمريكية، وصعود قوى آخذة بالنمو مثل الصين والهند والباكستان وروسيا ، دفع الإدارة الأمريكية إلى ضرورة إعادة التفكير في نمط سياستها الخارجية الأحادية النظرة، بحيث تراعي هذه القوى الجديدة لتتلاقى مصالحها مع مصالح هذه القوى المتنامية، وتعيد تشكيل النظام أحادي القطبية إلى نظام متعدد المصالح، ونرجو أن تتجاوز أمتنا أخطاره نحو نظام متعدد الأقطاب يكون لأمتنا مكان فيه.

إنّ القمة الأردنية -القطرية يمكن أن تقدم للعالم العربي إذا سار بهدي ما يأتي ما يمكنه من يتجاوز الأزمة والتهديد الذي يحيق به، وهذا يتطلب:

1- فك الارتباط مع الغرب وحلّ مشكلات العالم العربي داخليًّا من لجنة حكماء عرب، بدون تدخل خارجي غربي، وتشكيل قوة تدخل عربي منتخبة تساعد على وضع الحلول.

2- الاعتماد على الذات، وعدم توقع عون الغرب الذي سيدخل المنطقة أكثر فأكثر في معركة لن نستطيع الخلاص منها بسهولة.

3- التكامل الاقتصادي، وإعادة الاعتبار للسوق العربية المشتركة .

4- ترك الخلافات المذهبية والعِرقية داخل الوطن العربي، والتصدي للإرهاب والفكر المتطرف بصوره كلّها أمنيًّا وسياسيًّا وفكريًّا واقتصاديًّا.

5- السعي إلى تشكيل الفضاء العربي بشكل تكتل اقتصادي سياسي يمكنه الوقوف في مواجهة التكتلات القائمة على قاعدة التكافؤ، على الرغم من أنّ نيل ذلك صعب، إلا أنه غير مستحيل، وليس هذا على الله خالق الخلق ببعيد.

ويقصد بالإستراتيجية الأولى الانفكاك من قبضة النظام الرأسمالي العالمي؛ بالتركيز على تنمية الموارد الذاتية لكل دولة، مع تطوير أشكال للتعاون الإقليمي بين الدول العربية، ومحاولة الحصول على أقصى مكاسب يطرحها نظام العولمة، دون الانصهار والاندماج فيها بطابعها الأمريكي المتوحش، وتحقيق التكامل الإقليمي بين الدول العربية لتقوية مركزها العالمي.

إننا نفهم كما العالم بأنَّ الشرق الأوسط مركز ثقل العالم ؛ ففيه النَّفط والمعابر الجوية والبحرية من العالم وإليه، والنظام العالمي يتغير انطلاقًا من هذه المنطقة، ولكن لسوء حظ العرب فإنّ مصيرهم يرتبط بهذا الفهم، فَحُكِم عليهم أن تكون أرضهم مسرحًا لصراعات إيديولوجية وسياسية ومثال ذلك ما حدث ويحدث في فلسطين وحرب الطائرات والمسيرات والصوريخ بين إيران وإسرائيل ومن قبلها العراق ولبنان وسوريا واليمن والصراع بين الأكراد وتركيا والذي انتهى أخيراً باتفاق ، ويطول التفصيل في كل صراع على حدة، وإن كانت في النتيجة مرتبطة كجسد واحد كل عضو فيه يثر ويتأثر بالآخر .

هذا الإعتراف كان يجب أن يعمل العالم على أن تكون هذه المنطقة الأكثر استقراراً ولكنها وللاسف الشديد ولقرن كامل كانت منطقة الصراع الأكثر تفاعلاً وديمومة ، ويكفي أن نقول أن شعباً بأكمله يعاني الأن من الابادة وهو الشعب الفلسطيني،

وأنا هنا لا بد لي من القول إنّ الأهمية الإستراتيجية للشرق الأوسط، بالإضافة إلى أسباب أخرى ثقافية وسياسية، جعلت التدخلات الدَّوْلية تزداد من أجل السيطرة والنفوذ؛ ما حدّد بشكل كبير تطور الأحداث ومصيرها في المنطقة، غير أنّ درجة هذه التدخلات ومستواها تباينت من فترة زمنية إلى أخرى، ولا أدلّ على ذلك من أنّ الشرق الأوسط الكبير ارتبط ارتباطًا وثيقًا بالصراع العربي الصهيوني، حتى عدّه بعض المحللين جزءًا من منظومة الإقليم ما فوق الإقليمي؛ أي الصراع العالمي مفتوح النهايات، وهكذا فقد جذبت هذه المنطقة الحيوية قوًى دَوْلية أخرى على رأسها روسيا والصين وتركيا وإيران، بالإضافة إلى قًوى أوروبية ذات مصالح تقليدية تاريخية، وكذلك سيدة العالم مرحليًا وهي الولايات المتحدة الأمريكية بلا شك؛ وهذا يعني أنّ التنافس الدَّوْلي على الثروة والنفوذ في الشرق الأوسط أسهم بشكل مباشر أو غير مباشر في إضفاء مزيد من التعقيد على مجمل الصراعات التي تشهدها المنطقة، ولعل ما يجعل لقاء عمان بين جلالة الملك عبدالله وسمو الشيخ تميم مفصليًا في تحديد مراحل العمل القادم على كل المستويات.

حفظ الله أردننا الغالي بقيادته الهاشمية، وجعل بلدنا آمنًا مطمئنًّا سخاءً رخاءً في ظل حضرة صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني المعظم، أما الصراعات فالمؤشرات تدل على توسعها ما لم ينتبه العالم الى ان اشعال الحريق قد يكون سهلاً ولكن السيطرة عليه صعبه وفي بعض الأحيان قد تكون مستحيله، وأهلاً وسهلاً بسمو الشيخ تميم أمير قطر في بلده الثاني وبين أهله.

مدار الساعة ـ