الشخصية الأردنية كونها تمتلك ذاكرة بدوية، عفوية في سلوكها، تلقائية في مفرداتها وقيمها تستل من منظومة اختلطت بها شيم العرب وبداوتهم.
ومنذ تأسيس دولتهم الأردنية التي تشكلت قبل أكثر من مئة عام عملوا على بناء هذا الصرح الهاشمي العروبي، في سياق يختلف عن تشكل الدول المجاورة لهم، فالأردني في علاقته مع الدولة أثر في شكلها وتشكلها وأثرت به الدولة أيضاً إذ رفد البيرقراطية والجندية مؤمناً بمبادئها التي تكرست من روح الحلم العربي بالوحدة والحرية والحياة الفضلى، والتعالي عن أي إقليمية، وينعكس ذلك من خلال ما تحفل به وثائقنا وصحفنا القديمة بعناوين الوحدة وحلم المؤسس الملك عبد الله الأول ابن الحسين أحد أركان النهضة العربية، "الثورة العربية الكبرى" في بدايات القرن الماضي من مشاريع ووحدوية وحدة الضفتين الأردنية الفلسطينية، وحدة سوريا الكبرى وحدة الهلال الخصيب، وحدة المشرق العربي وتحرير فلسطين.فقد اتكأ الأردني على دولته كحاضنة في مفاهيم كثيرة إما بالتعليم أو بالصحة أو بالخدمات، فالتشاركية جعلها أن تكون بحق على مستوى المنطقة بأنها "دولة الشعب"، والمتتبع للتاريخ السياسي الأردني للحركة الوطنية، يلمس أنه أغلب ما يجري في ثناياها هو حوارات أكثر منها معارضات منذ البدايات للدولة الأردنية؛ فالمراسلات ما بين الملك المؤسس وعميد المعارضة الأردنية الدكتور محمد صبحي أبو غنيمة وما بعد ذلك، وبخاصة عند مقارنتها بتجارب سياسية مجاورة؛ فالأردن أتاح وما زال فسحة الحوار وتكريسه وتحمل الكثير من الحركات والشعارات وكانت جلها ليست بريئة في أهدافها ومراميها.فالشخصية الأردنية وصفاتها وسماتها مع أنها ما زالت بكراً في البحث فإنها شخصية لم تنتابها تشوهات شابت دولاً مجاورة، أي أنها شخصية أتيح لها أن تتشكل بهدوء بفضل الحكم الهاشمي فلم تتعرض لتشوهات القمع والتعذيب أو الاستعمار المباشر أو الاحتلال؛ فمخزونها القيمي والجغرافي منحها تميزاً بأنها باتت اليوم الأكثر نضجاً ووعياً ومواقفها تتصدر ما تأخر عنه كثيرون.فالمشهد الأردني على الرغم من كل الضغوطات فهو بلد محاصر بالحروب والأزمات وضغوط سياسية واقتصادية لكنه ما زال الأقوى في مواجهة ارتدادات هذه الظروف بفضل قيادته وملامح شخصيته وقيمها الوفية.