مدار الساعة -تواجه سوريا أزمة غير مسبوقة في الزراعة، حيث تقف سنابل القمح الذهبية على حافة الانهيار بسبب أسوأ موجة جفاف منذ 36 عاماً، الأراضي الزراعية الجافة تنتج أقل من ثلث المحصول المعتاد، ما يهدد الملايين بانعدام الأمن الغذائي ويزيد من معاناة الأسر الريفية.
من المفترض أن تكون حقول القمح في قرية سقيلبية قرب حماة ذهبية ومليئة بالحبوب، لكن هذا العام، تحولت الأراضي الزراعية إلى صحراء جافة تنتج أقل من ثلث المحصول المعتاد.المزارع ماهر حداد، البالغ من العمر 46 عاماً يمتلك 40 دونماً (10 أفدنة) أصبحت جافة وخالية، ولا تنتج سوى ثلث حصادها المعتاد.وقال حداد : "لم نستعد ما أنفقناه على الزراعة، خسرنا المال، ولا أستطيع تمويل العام المقبل، ولا حتى تغطية تكاليف الطعام والشراب". ويضطر الآن للاقتراض من أقاربه لإطعام أسرته.الأزمة التي يعاني منها حداد هي انعكاس للوضع في سوريا بأكملها، حيث تسبب أسوأ جفاف منذ 36 عاماً في خفض محاصيل القمح بنسبة 40%، ما دفع البلاد، التي يعيش فيها نحو 90 % من السكان في فقر، إلى حافة أزمة غذائية واسعة.وتشير تقديرات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) إلى عجز قدره 2.73 مليون طن من القمح هذا العام، وهو ما يكفي لتلبية احتياجات 16.25 مليون شخص.المزارعون والأسر الريفية يواجهون ضغوطًا هائلة؛ فهطول الأمطار انخفض بنسبة 70%، ما أدى إلى شلل 75 % من الأراضي الزراعية المعتمدة على مياه الأمطار. وللتعويض عن الخسائر، بدأت الأسر في بيع الماشية وتقليص وجباتها اليومية، بينما ترتفع معدلات سوء التغذية بين الأطفال والنساء الحوامل.القمح عنصر أساسي للخبز والمعكرونة، ما يعني أن نقص المحصول يرفع أسعاره بشكل كبير. وأصبح شراء الخبز تحدياً يومياً، إذ ارتفع سعر كيس الخبز من 500 ليرة العام الماضي إلى 4500 ليرة حالياً، ما يجعل توفير احتياجات الأسرة الأساسية شبه مستحيل.وسط هذه الأزمة، تعمل الحكومة السورية الانتقالية والوكالات الدولية، مثل برنامج الأغذية العالمي، على تقديم مساعدات عاجلة للخبز وصغار المزارعين، لكنها تحذر من أن الحلول قصيرة الأجل ولن تحقق استقراراً طويل المدى ما لم يتمكن المزارعون من البقاء في أراضيهم والحفاظ على الإنتاج الزراعي.وتواجه مشاريع الري، مثل نظم الري بالتنقيط بالطاقة الشمسية، تحديات مالية وزمنية، وهو ما يجعل ملايين السوريين يعتمدون حاليًا على أمل الأمطار في الأشهر المقبلة.وحذر بيرو توماسو بيري، مسؤول برنامج منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في سوريا، من أنه في غياب المزيد من المساعدات الغذائية أو القدرة على استيراد القمح، فإن أزمة الجوع في سوريا سوف تتفاقم بشكل كبير.وقال: "قد يصل انعدام الأمن الغذائي إلى مستويات غير مسبوقة بحلول أواخر عام 2025 ومنتصف عام 2026 "، مشيراً إلى أن أكثر من 14 مليون سوري - أي ستة من كل عشرة أشخاص - يعانون بالفعل من أجل الحصول على ما يكفيهم من الطعام. من بين هؤلاء، يواجه 9.1 ملايين شخص جوعاً حادًا، منهم 1.3 مليون شخص في ظروف قاسية، بينما يواجه 5.5 ملايين شخص خطر الانزلاق إلى أزمة غذائية إذا لم يُقدم لهم تدخل عاجل.مع استمرار الجفاف وتراجع الإنتاج الزراعي، تقف ملايين الأسر السورية على حافة المجاعة، بينما يظل أمل الأمطار وحده رفيقها في مواجهة الخطر. الحلول المؤقتة لا تكفي، والاستثمار الفوري في الزراعة والري المستدام هو السبيل الوحيد لإنقاذ حياة الملايين وضمان مستقبل البلاد.سنابل الذهب على حافة الانهيار.. أسوأ جفاف يضرب سوريا منذ 36 عاماً

مدار الساعة ـ