أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين رياضة اخبار خفيفة ثقافة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

عريفج يكتب: واجب اليسار الوطني في طرح خارطة طريق نحو تحقيق الحمايات الاجتماعية


المحامي هيثم عريفج

عريفج يكتب: واجب اليسار الوطني في طرح خارطة طريق نحو تحقيق الحمايات الاجتماعية

مدار الساعة ـ

في ضوء ما يشهده الأردن من تحديات سياسية، اقتصادية واجتماعية متنامية، يبرز دور اليسار الوطني كقوة سياسية وفكرية تحمل على عاتقها مسؤولية وضع الأردن ومصلحة المواطن الأردني على قمة أولوياتها. إن هذه المرحلة تتطلب أكثر من أي وقت مضى تبني مشروع وطني واضح المعالم يركز على بناء منظومة حمايات اجتماعية شاملة تعيد الثقة بين الدولة والمواطن وتعزز الاستقرار المجتمعي على المدى الطويل.

إن الحمايات الاجتماعية ليست ترفاً فكريا، بل حق أصيل وأداة من أدوات العدالة الاجتماعية، تضمن الوصول الى:

تأمين صحي شامل وفعّال يضمن وصول المواطن إلى العلاج دون قوائم انتظار طويلة أو نقص في الأدوية الأساسية، باعتبار الصحة حقاً لا يجوز التنازل عنه.

ضمان اجتماعي كريم يوفّر معاشات تقاعدية تكفل للمواطن حياة كريمة بعد سنوات الخدمة والعمل.

برامج جادة لدعم العمالة والشباب من خلال التدريب والتشغيل، بما يفتح آفاق العمل المنتج ويحد من البطالة.

سياسات حماية للطبقات الفقيرة والمتوسطة عبر خفض الضرائب غير المباشرة مثل ضريبة المبيعات وأسعار الوقود، لتعزيز القوة الشرائية للمواطن.

شبكة أمان اجتماعي للطوارئ تقدم تعويضات عادلة للعاطلين عن العمل وتدعم الأسر المتضررة في الأزمات الاقتصادية والصحية.

غير أن تحقيق هذه الأهداف لا يمكن أن يتم بجهود متفرقة أو حلول مؤقتة. وهنا يبرز دور اليسار الوطني الذي يؤمن بفكر الديمقراطية الاجتماعية ويعمل على تحويله إلى سياسات واقعية، بحيث يصبح الإنسان محور السياسات العامة، وتُربط العدالة الاجتماعية بالنمو الاقتصادي.

إن هذا الفكر لا يكتفي بالتشخيص، بل يقدم بدائل عملية تعيد توزيع الثروة بشكل عادل وتضمن استقرار المجتمع.

نعلم إن تنفيذ هذه الرؤية يتطلب تمويلاً مستداماً وشراكة وطنية واسعة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال:

1. إعادة توجيه الدعم الحكومي ليصل مباشرة إلى مستحقيه ، ما يقلل الهدر ويوجه الموارد نحو الفئات الأشد حاجة.

2. إصلاح ضريبي عادل يوسّع القاعدة الضريبية، ويطبق ضريبة دخل تصاعدية على الأرباح الكبيرة، ويكافح التهرب الضريبي والجمركي.

3. تحسين إدارة الموارد العامة بتخفيض النفقات الإدارية غير الضرورية وإعادة هيكلة بعض المؤسسات والهيئات المستقلة، وتحويل جزء من الإنفاق الرأسمالي إلى مشاريع ذات أثر اجتماعي مباشر مثل المستشفيات ومراكز التدريب المهني.

4. تفعيل الشراكات بين القطاعين العام والخاص (PPP) في بناء وتشغيل المرافق الصحية والتعليمية ومراكز التدريب، ومنح حوافز للشركات التي تساهم في تمويل برامج تشغيل الشباب أو التأمين الصحي الجماعي.

5. إنشاء صندوق وطني للحماية الاجتماعية يموّل من عوائد شركات كبرى مثل الفوسفات والبوتاس والطاقة المتجددة، وجزء من أرباح الشركات المملوكة للدولة، إضافة إلى مساهمات من القطاع المصرفي والتجاري مقابل إعفاءات مدروسة.

6. الاستفادة من التمويل الدولي عبر المنح والقروض الميسرة، مع ربطها بمؤشرات أداء واضحة تضمن الشفافية والمساءلة.

إن بناء منظومة الحمايات الاجتماعية هو استثمار في أمن الدولة واستقرارها المجتمعي. المطلوب وضع خطة وطنية واضحة المعالم بمؤشرات زمنية قابلة للقياس، وبمشاركة فاعلة من الأحزاب البرامجية والمجتمع المدني، تضمن تمويلاً عادلاً ومستداماً لهذه الحمايات. فالمواطن الأردني يستحق أن يشعر أن كرامته مصانة وأن الدولة تقف إلى جانبه في أصعب الظروف، لا سيما في ظل الضغوط الاقتصادية والمعيشية المتزايدة.

إن الطريق نحو أردن العدالة والكرامة يبدأ منّا جميعاً. على كل مواطن أن يشارك في الحياة السياسية، وأن يدعم الأحزاب البرامجية التي تحمل مشروع اليسار الوطني وتضع مصلحة المواطن فوق أي اعتبار. فالمستقبل لا يُنتظر، بل يُصنع بإرادة جماعية ووعي سياسي متجدد.

مدار الساعة ـ