في عالم يموج بالصراعات ويبحث عن بارقة أمل للسلام، يبقى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أحد أطول النزاعات وأكثرها إرباكاً للمنطقة والعالم، ومع مرور نحو عامين من الحرب المدمرة على غزة وما خلفته من مآسٍ إنسانية، جاء خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني بمؤتمر الدليل لحل الدولتين في الجمعية العامة للأمم المتحدة ليؤكد أن خيار السلام العادل هو السبيل الوحيد لإنهاء دوامة الدماء وفتح الطريق نحو مستقبل أكثر استقراراً
يأتي خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني في المؤتمر الدولي حول التسوية السلمية وتنفيذ حل الدولتين في نيويورك في لحظة مفصلية على صعيد النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، ليعكس رؤية استراتيجية واضحة نحو السلام والأمن في المنطقة. ففي ظل استمرار الحرب على غزة وما خلفته من دمار هائل وسفك دماء، لم يكتف الملك بالتنديد بالممارسات المدمرة بل وضع أمام المجتمع الدولي خياراً حاسماً بين الحرب والدمار أو السلام والعدالة، هذا التحديد الواضح للخيار يمثل رسالة مباشرة إلى الأطراف الدولية والإقليمية، مفادها أن استمرار النزاع لن يؤدي إلا إلى مزيد من التدهور الإنساني والسياسي، وأن الحل السياسي القائم على حل الدولتين هو الطريق الواقعي والضروري لتحقيق استقرار طويل المدى.يظهر الخطاب أن الملك لم يقتصر على الجانب الإنساني فحسب، بل سلط الضوء على الأبعاد القانونية والسياسية للصراع، مشيراً إلى الانتهاكات في غزة والضفة الغربية باعتبارها تقويضاً صارخاً للقوانين الدولية والقيم الإنسانية المشتركة ،هذه المقاربة تدل على حرص الأردن على التأكيد أمام العالم أن الحل السلمي لا يمكن أن يتحقق إلا بالالتزام بالقوانين الدولية واحترام الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، مع وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته في دعم هذا الحل.كما يعكس الخطاب التوجه الأردني نحو تعزيز الإجماع الدولي حول حل الدولتين، من خلال الثناء على الدول التي اعترفت بدولة فلسطين ومبادرتها بعقد المؤتمر، وهو ما يشير إلى استراتيجية دبلوماسية متوازنة تجمع بين الضغط السياسي وإشراك المجتمع الدولي في بناء مسار مستدام للسلام، الإشارة إلى ضرورة وقف الإجراءات الأحادية والعنف الذي يمارسه المستوطنون في الضفة الغربية تشدد على أن السلام لا يمكن أن يكون مجرد شعارات، بل يحتاج إلى خطوات عملية وملموسة على الأرض لضمان استدامته.ويمكن النظر إلى خطاب الملك كرسالة مزدوجة: الأولى مفادها أن الحل السياسي هو الطريق الوحيد للخروج من دائرة العنف، والثانية إلى المجتمع الدولي، مفادها أن الوقت قد حان لتحمل المسؤولية والعمل بشكل جماعي لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية ووقف أي ممارسات تقوض الحل. الخطاب بذلك لا يكتفي بتأكيد المبادئ، بل يحدد معالم استراتيجية واضحة تتضمن السلام والعدالة واحترام القانون الدولي، وهو ما يعكس قدرة الأردن على لعب دور محوري في دفع العملية السلمية رغم التحديات المستمرة في المنطقة.النائب كريشان يكتب: الأردن طريق السلام العادل
النائب حسين كريشان
رئيس لجنة الاقتصاد الرقمي والريادة
رئيس لجنة الاقتصاد الرقمي والريادة
مدار الساعة ـ