أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات خليجيات مغاربيات دين بنوك وشركات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

عشائر ابووندي تصدر بياناً: حين يتكلم الهاشمي.. يسكت الباطل

مدار الساعة,مناسبات أردنية,الملك عبدالله الثاني,الأمم المتحدة,المسجد الأقصى
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة - عام يمضي، وآخر يطلّ، لتعود الجمعية العامة للأمم المتحدة وتفتح أبوابها أمام قادة العالم، وتعود معها الكلمات لتتردد في قاعاتها، بعضها يحمل الصدق والهمّ الإنساني، وأكثرها يضيع بين أروقة المجاملات والسياسة الباردة. لكن الأردن، على لسان قائده الهاشمي جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، لا يعرف إلا أن يكون الصوت الذي يصدع بالحقيقة، والضمير الذي لا يهادن، والراية التي لا تنكسر في الدفاع عن العدالة وحقوق الشعوب. لقد وقف جلالته كما اعتاد، لا ممثلًا لوطنه فحسب، بل معبرًا عن وجدان أمة بأكملها، وأحلام ملايين المقهورين في فلسطين، الذين لا يملكون ترف الوصول إلى هذه المنابر، ولا يجدون من يحمل قضاياهم بصدق كما يفعل جلالة الملك.

ولم تكن كلمة جلالته مجرد نصٍ مكتوبٍ على ورق، بل كانت صرخةً إنسانيةً مدوية، تستنهض ضمير العالم وتوقظه من غفلته. تساءل جلالته في حضرة الأمم، كما تساءل في كل عام: إلى متى يبقى الفلسطينيون أسرى الظلم والحرمان؟ إلى متى تظل الأرض مسلوبة والكرامة مداسة؟ إلى متى يبقى القتل والتشريد بلا حساب، والعالم لا يملك إلا بيانات إدانة تتطاير في الهواء؟ هذه التساؤلات لم تكن حبرًا على ورق، بل كانت محاكمة أخلاقية لأمةٍ تدّعي الإنسانية وتغض الطرف عن أعدل قضايا العصر.

لقد أضاء جلالة الملك عبدالله الثاني حقيقة يعرفها كل منصف: أن العالم، منذ تأسيس الأمم المتحدة قبل ثمانين عامًا، أقسم ألا يكرر أخطاء الماضي، لكنه ما لبث أن غرق في التناقضات، تاركًا الشعب الفلسطيني يعيش في دوامةٍ من القهر والنكبات. وفي هذا المحفل الدولي، أكد جلالته أن الحق الفلسطيني ليس منّةً من أحد، ولا جائزةً تُمنح مشروطة، بل هو حقٌ أصيل، ووجودٌ مشروع، لا يقبل التفاوض ولا يسقط بالتقادم. إن نبرة جلالته حملت قوةً أخلاقيةً لا نظير لها، تعلن أن فلسطين لن تُمحى من الذاكرة، وأن الأردن سيبقى حاملًا لواءها مهما طال الزمن وتغيرت الظروف.

وفي سياق خطابه المهيب، عرّى جلالة الملك النوايا العدوانية للحكومة الإسرائيلية التي ما فتئت تدعو إلى أوهام ما يسمى “إسرائيل الكبرى”، ممارساتٌ استفزازية تهدد بإشعال حربٍ دينيةٍ كبرى تتجاوز حدود المنطقة. لقد حذّر جلالته بلسانٍ صريح أن المساس بالمسجد الأقصى والقدس ليس مجرد اعتداء على أرضٍ أو مقدس، بل هو عبث بمشاعر مليار ونصف المليار مسلم، ونذير فتنة لا تبقي ولا تذر. ومن هنا جاء صوت الأردن واضحًا لا لبس فيه: إن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس ليست شعارًا سياسيًا، بل أمانة تاريخية، وواجب مقدس، واستمرار لرسالة آل البيت الأطهار.

ولم يكتفِ جلالته بوصف الحال وتشخيص الجرح، بل قدّم الطريق الوحيد نحو السلام، طريقٌ لا يقبل المساومة ولا يعرف الالتفاف: حل الدولتين. دولة فلسطينية مستقلة، قابلة للحياة، عاصمتها القدس الشرقية، تعيش بأمنٍ وسلامٍ إلى جانب دولة إسرائيلية آمنة، وفق الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة. هذا الطرح ليس مجرد خيار سياسي، بل هو قدرٌ محتوم، لا بديل عنه، ولا أمن للمنطقة ولا استقرار للعالم إلا بتحقيقه. لقد صاغ جلالته معادلة بسيطة بعمقها: لا سلام بلا عدل، ولا استقرار بلا اعتراف بالحقوق، ولا أمن بلا فلسطين حرة مستقلة.

كما أكد جلالته الدور الأردني الثابت والراسخ، فالأردن لم يتوانَ يومًا عن القيام بواجبه الإنساني تجاه غزة، إذ أصبح عمّان مركزًا رئيسيًا للاستجابة الدولية، وقاعدةً لإيصال المساعدات والإغاثة. في ظل الحصار والدمار، كان الأردن، بقيادته الهاشمية، شعلة أمل، ومنارة إنسانية، تجسد قيم النخوة والشهامة التي جبل عليها هذا الوطن. هذه المواقف ليست جديدة، بل هي امتداد لتاريخ طويل من التضحية والالتزام، جعل من الأردن بلدًا صغيرًا بحجمه، عظيمًا بدوره ومكانته.

إن كلمة جلالة الملك لم تكن مجرد دفاع عن فلسطين، بل كانت دفاعًا عن القيم الإنسانية في زمنٍ يبيع فيه كثيرون ضمائرهم للمصالح. كانت وقفة عزٍ وشموخ، تؤكد أن الأردن، رغم تحدياته وظروفه، باقٍ على العهد، لا يساوم على الثوابت ولا يفرّط بالكرامة. لقد جسّد جلالته صورة القائد الذي لا يخشى أن يقول كلمة الحق، ولا يتردد في مواجهة الظلم أينما كان، ليبقى صوته صوت الضمير العربي والإسلامي والإنساني.

وهكذا، حمل جلالة الملك عبدالله الثاني على كتفيه همّ الأمة، وكتب ببيانه فصلًا جديدًا من تاريخ الأردن المجيد، تاريخٌ تتعانق فيه الشجاعة مع الحكمة، ويجتمع فيه العدل مع القوة الأخلاقية. وفي كل كلمة نطق بها، كان الأردن كله حاضرًا، وكان الفلسطينيون كلهم يجدون فيه سندًا وأخًا وظهيرًا، وكان العالم يُحاكم أمام مرآة الحقيقة. إن جلالته، بوقوفه في هذا المحفل، لم يخاطب قادة الدول وحسب، بل خاطب التاريخ، ليقول بلسان عربي هاشمي: الأردن كان وما زال، قلعةً للكرامة، وحصنًا للعدل، وصوتًا لا يخفت في الدفاع عن الحق الفلسطيني.

عشائر ابووندي وعنهم :

الشيخ شهاب مضفي ابووندي


مدار الساعة ـ