أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الملك عبدالله الثاني في جمعية الأمم المتحدة: ضمير يصدح بالحق وسط ضجيج الظلم

مدار الساعة,مناسبات أردنية,الملك عبدالله الثاني,الأمم المتحدة
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة - بقلم: مريم بسام بني بكار القادري -لم يكن خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة مجرد وقفة قائد للأردن فحسب، وإنما هي مزيجاً من الصراحة السياسية والحرارة الإنسانية التي تجسد ضمير عربي متألم يصدح بالحق وسط ضجيج العالم معبرا عن معاناة حقيقية لوطن يرزح تحت الآلام والضغوط ويرفض الانكسار والتنازل عن ثوابته ويقاوم لآخر رمق.

ان الشموخ في الحضور والثقة في الحديث كانت ظاهرة في ايماءات محيا وملامح جلالته كانت رسائل قوية تعبر عن رفض وغضب للظلم الذي تتعرض له فلسطين.

وتضمن الخطاب الجمع بين الحكمة والشجاعة والعقل والعاطفة، ليقدّم في جوهره رسالة رجاء وأمل، بأن لا مستقبل لهذه المنطقة إلا بالعدل، ولا استقرار لها إلا بالسلام القائم على الحقوق والكرامة الإنسانية.

في البداية استهل جلالة الملك عبدالله الثاني خطابه التحدث بلسان التاريخ والجغرافيا معاً: تاريخ أمة لم تستسلم يوماً رغم النكبات، وجغرافيا بلد صغير في حجمه، عظيم في أدواره.

ولم يتضمن خطاب جلالته جانبا دفاعيا فقط، بل دعوة للتحرك وايجاد حل سريع مشيرا جلالته بوضوح إلى أن الأردن لم يكتفِ بموقع المراقب، بل يشارك في كل محفل ومؤتمر، ويجري الاتصالات مع قادة العالم، بحثاً عن حلول عادلة وواقعية و انه لم يتخلَّ يوماً عن دوره كجسر للحوار ووسيط للسلام و يتحمل عبئاً كبيراً في دعم الأشقاء الفلسطينيين عبر استضافة اللاجئين وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.

وأوضح جلالته أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو أقدم صراع مستمر في العالم وأن ما يحدث في غزة هو مأساة إنسانية غير مسبوقة وأن الشعب الفلسطيني هناك يُعاني القصف المستمر والتجويع والحرمان من الدواء والماء والكهرباء، في ظل حصار خانق يهدد حياة الملايين.

وشدد جلالته على أن المجتمع الدولي مطالب بتحمل مسؤولياته التاريخية لتجنب استمرار هذه المأساة الإنسانية وان صمتهم أمام هذه الجرائم يعد خذلاناً للقيم الإنسانية والقانون الدولي، داعياً إلى التحرك العاجل لوقف العدوان وفتح الممرات الإنسانية، وضمان إيصال المساعدات إلى أهل غزة الذين يدفعون أثماناً باهظة من أرواحهم وكرامتهم كل يوم.

وأكد أن ما يجري في غزة يمثّل جرحاً مفتوحاً في ضمير الإنسانية، وأن صور الدمار والمجازر وصرخات الأمهات الثكالى ليست أرقاماً في تقارير إخبارية، بل حياة بشرية تُسحق يومياً أمام أعين العالم.

وحذر جلالته من أن تجاهل معاناة غزة لن يجلب سوى المزيد من التطرف والعنف وان غزة ليست قضية إنسانية فحسب، بل قضية حق وعدالة، وأن تركها تنزف دون حل هو خيانة للقيم التي تأسست عليها الأمم المتحدة نفسها.

جلالته وضع العالم أمام مسؤولياته وذكر أن الشرق الأوسط ليس مجرد عناوين في نشرات الأخبار، بل شعوب تكابد ويلات الحروب، وأوطان تنزف من جراح لا تندمل مشيراً إلى أن المنطقة تعيش منذ عقود في قلب أزمات متلاحقة من صراعات و حروب ونزاعات داخلية وتدخلات خارجية أرهقت شعوبها وأثقلت اقتصاداتها.

وأوضح الملك أن استمرار هذه المعاناة لا يهدد استقرار المنطقة فحسب، بل يترك أثراً مباشراً على الأمن والسلم الدوليين، مؤكداً أن غياب العدالة في فلسطين يغذي دوامة الغضب واليأس التي تمنع قيام السلام المستدام وان العراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين، كلها شواهد حيّة على معاناة ممتدة، وفي قلب هذا المشهد يقف الأردن متحمّلاً ما يفوق طاقته ويذود عن استقراره بإمكانيات محدودة، لكنه يظل حصناً منيعاً وواحة أمان في محيط ملتهب.

وفي ختام حديثه، كان جلالته أشبه بنداء حيّ يطرق ضمائر العالم: أن ينصفوا الشعوب قبل أن يبتلعها اليأس، وأن يعيدوا للإنسان العربي حقه في حياة كريمة، قبل أن يصبح الصمت شريكاً في المأساة، هذا النداء هو نداء قائد لا يعرف الاستسلام، ورسالة وطن يرفض أن يطويه النسيان، وصوت أمة قررت أن تبقى حيّة مهما طال ليل الظلم.

فالأردن، بقيادة الملك، لم يتخلَّ يوماً عن دوره كجسر للحوار ووسيط للسلام، واضعاً مصلحة الأمة فوق كل اعتبار ورغم معاناته لا يزال يقف صلباً يحمل همّ المنطقة على كتفيه ويرفع راية الحق في كل محفل.


مدار الساعة ـ