أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات دين بنوك وشركات خليجيات مغاربيات ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الزعبي يكتب: خطاب العرش وثيقة وطنية متكاملة

مدار الساعة,أخبار الأردن,اخبار الاردن,مناسبات أردنية,الملك عبدالله الثاني,الملك المؤسس,ولي العهد,الحسين بن عبدالله الثاني,مجلس الأمة,القوات المسلحة,الضفة الغربية
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة - كتب الدكتورخالد المنصور الزعبي -

في مشهد مهيب، يليق بعظمة الدولة الأردنية وقيادتها الهاشمية، ألقى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، حفظه الله ورعاه، خطاب العرش السامي بمناسبة افتتاح الدورة العادية لمجلس الأمة، خطابٌ حمل في طياته رسائل العزم والإصرار، ومضامين الحكمة والثقة، وأكد مجدداً على الثوابت الوطنية الراسخة التي قام عليها هذا الوطن منذ تأسيسه على يد المغفور له بإذن الله الملك المؤسس عبدالله الأول طيب الله ثراه.

استهل جلالته خطابه بتوصيف دقيق لمسيرة الأردن، حين قال:

“هذا الوطن الذي كان قدره أن يولد في قلب الأزمات، والتي لم تكن يوماً استثناء في مسيرته، بل كانت رفيقته منذ البدايات.”

بهذه الكلمات، وضع جلالته الإطار العام لروح الدولة الأردنية التي صُنعت من رحم الصعاب، وصمدت أمام التحديات المتلاحقة. فالأردن، كما وصفه الملك، لم يعرف الراحة منذ نشأته، لكنه عرف كيف يصنع من الأزمات فرصاً، ومن التحديات إنجازات، حتى اشتدّ عوده ونما رغم كل ما واجهه.

وأكد جلالته أن سرّ هذا الثبات هو إيمان الأردنيين والأردنيات الصادق بربهم ووطنهم ووحدتهم، وهو ما جعلهم شعباً فريداً من نوعه، يتفرّد بعزيمته وصلابته، متمسكاً بمبادئه رغم العواصف.

وفي لفتة إنسانية تعبّر عن الصلة العميقة بين القائد وشعبه، تساءل جلالته قائلاً:

“يتساءل بعضكم كيف يشعر الملك؟ أيقلق الملك؟ نعم، يقلق الملك، لكن لا يخاف إلا الله. ولا يهاب شيئاً وفي ظهره أردني.”

كلمات تنبض بالصدق والإنسانية، ترسم صورة الملك الإنسان الذي يشارك شعبه القلق على الوطن، ويجد في الأردنيين مصدر قوته وسنده. فالأردني – كما وصفه جلالته – هو حامي الحمى الذي يفتح بابه لينتصر للضعيف، ويلبّي نداء المستغيث، وهو الذي تعلم فعلم، وزرع فأطعم، ورفع رأس وطنه بين الأمم.

وانطلاقاً من رؤية جلالته الإصلاحية المستمرة، دعا الملك إلى مواصلة العمل والتطوير بلا تراخٍ ولا تردد، قائلاً:

“نحن اليوم لا نملك رفاهية الوقت، ولا مجال للتراخي.”

فالإصلاح الإداري والاقتصادي والتنموي، كما أكد جلالته، مسؤولية مستمرة تتطلب عملاً منقطع النظير، حتى يلمس المواطن أثرها في حياته اليومية، في التعليم، والصحة، والنقل، والخدمات العامة.

وأشار إلى أن الأردن قطع شوطاً مهماً في الإصلاحات التي تعهّد بها، لكن الطريق ما زال أمامه طويلاً، داعياً الجميع إلى العمل الجاد لاستكمال المسيرة.

وجّه جلالته رسائل واضحة لمجلس الأمة، مؤكداً أن أمامه مسؤولية وطنية كبرى في متابعة ما أُنجز في مسار التحديث السياسي، وتعزيز العمل الحزبي النيابي المكرس لخدمة الوطن، لا لمصالح ضيقة أو أهداف شخصية.

ففي رؤيته الملكية، لا شيء يجب أن يسمو فوق مصلحة الوطن، ولا مكان إلا للعمل البرامجي المنظم الذي يخدم المواطن ويعزز الثقة بالمؤسسات.

أكد جلالته على ضرورة تطوير النظام التعليمي ليواكب متطلبات العصر الحديث، وإعداد أجيال قادرة على المنافسة والإبداع، مشيراً إلى أن التعليم هو ركيزة النهضة. كما شدد على تطوير النظام الصحي ليكون أكثر عدالة وكفاءة، وعلى تحديث قطاع النقل بما ينعكس على تحسين نوعية الحياة والتنمية الاقتصادية.

هذه المحاور الثلاثة تعكس بوضوح رؤية الملك المتكاملة لبناء أردن حديث مزدهر، يقوم على الكفاءة والخدمة النوعية للمواطن.

وفي حديثه عن موقع الأردن الإقليمي، أكد جلالته أن الأردن ظلّ قوياً رغم تغير الأزمات عبر العقود، مستنداً إلى إرث من القيم والمبادئ التي غرسها الآباء المؤسسون.

وقال جلالته بكل فخر:

“يحميه جيش عربي مصطفوي، سليل أبطال كانوا وما زالوا حماة للأرض وسياجاً للوطن.”

ثم اختتم هذه الفقرة بتأكيد صلب على مكانة القوات المسلحة والأجهزة الأمنية قائلاً:

“هنا، رجال مصنع الحسين، درعاً مهيباً.”

وهي عبارة تجسّد الاعتزاز بالجيش الأردني الذي يمثل نموذج البطولة والانتماء والوفاء للقيادة والوطن تمثل قمّة الرمزية السياسية، إذ يُقدَّم ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني باعتباره امتدادًا طبيعيًا للشعب، لا وريثًا للعرش فحسب، بل جنديًا في صف الوطن مثل سائر الأردنيين.

هذا يُرسي مبدأ المساواة في الخدمة والواجب الوطني، ويعزز التفاف الشعب حول القيادة الهاشمية

تجلّت في خطاب جلالته المواقف الثابتة حيال القضية الفلسطينية، خاصة ما يمر به أهل غزة من كارثة إنسانية.

قال جلالته:

“نقف أمام الكارثة التي يعيشها أهلنا في غزة، الصامدون، ونقول لهم: سنبقى إلى جانبكم بكل إمكانياتنا، وقفة الأخ مع أخيه.”

وأكد استمرار الأردن في إرسال المساعدات الإغاثية والطبية الميدانية، ورفضه القاطع لاستمرار الانتهاكات في الضفة الغربية، مشدداً على أن موقف الأردنيين راسخ لا يلين، تماماً كصلابة وطنهم.

وجدد جلالته التأكيد على الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، باعتبارها أمانة وشرفاً تتوارثه الأسرة الهاشمية جيلاً بعد جيل، قائلاً:

“يواصل الأردن بشرف وأمانة الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية.”

وهي رسالة واضحة بأن الأردن لن يتخلى عن دوره التاريخي والديني والوطني في حماية القدس وهويتها.

واختتم جلالته خطابه بكلمات مطمئنة ومفعمة بالإيمان بمستقبل الوطن:

“إن خدمة وطننا واجب مقدس علينا جميعاً، فلا خوف على الأردن القوي بشعبه ومؤسساته. وسيبقى كذلك بعون الله تعالى.”

بهذه العبارة ختم الملك عبدالله الثاني خطاب العرش، واضعاً النقاط على الحروف، ومجدداً ثقته بالله أولاً، وبشعبه الوفي ثانياً، ومؤكداً أن مسيرة البناء والتحديث ستستمر رغم كل التحديات.

خطاب العرش هذا لم يكن مجرد كلمات بروتوكولية، بل وثيقة وطنية متكاملة ترسم ملامح المرحلة المقبلة، وتؤكد على الثوابت الأردنية في الحكم، والإصلاح، والكرامة، والموقف القومي.

لقد خاطب الملك عبدالله الثاني شعبه بصدق الأب القريب، وبحزم القائد المؤمن، وبحكمة الهاشميين الذين صاغوا تاريخ الأمة، ليؤكد مرة أخرى أن الأردن ماضٍ بثقة نحو المستقبل، تحت راية الهاشميين، وبسواعد أبنائه النشامى.

حمى الله الاردن وقيادته الهاشميه الماجدة وشعبه الوفي الشامخ وستبقى راية الاردن مرفوعه عاليه بهمة الاردنيين الاشاوس .


مدار الساعة ـ