امتلأت مواقع الأخبار ببياناتٍ للدفاع عن تاريخ قبيلة بني حسن. أَمطلوبٌ منّا أن نُثبِتَ ولاءَنا وانتماءَنا للأردن وفلسطين، ونحن الذين كتبنا تاريخَنا بالدّم والتضحيات؟
عمي الشهيد علي حسين مطر الزيود ما زال جسده الطاهر في حي الشيخ جراح في مكان لا يعلمه إلا الله بجوار القدس الشريف ، ذهب مقاتلا وعمره لم يتجاوز الخامسة عشرة ، قال لي أبي ، سألت أحد زملاءه عنه في تلك المعركة ، وقال لي بأنه آخر ما شاهدته كان يرمي على رشاش ال ٥٠٠ ودبابة العدو مقبلة نحوه هو وزميله .. وهل أحدثكم عن المقدم صالح عليان أبوالفول الغويري الذي قاد كتيبة الدبابات ١٢ بطل معركة تحرير العفولة في حرب عام ١٩٦٧، وجرح في المعركة جرحا بليغا، ولولا الخذلان العربي لسجّلت هذه الكتيبة نصرا وفتحا مبينا.بنو حسن الذين همشتهم الدولة على مدار خمسين عاما بعد تأسيسها ولم تسمح لأحد أن يتسلّم منصبا سياسيا، حتى كلوب باشا منع تجنيدهم لأنهم لم يرضخوا له ولم يستقبلوه في مضافاتهم كالآخرين ، ودبّر مكيدة للنقيب الشهيد محمد علي الصايل الحسبان في حادث سيارة .. ورغم كل ذلك كان الشيخ محمد العيطان عضوا فاعلا في المؤتمر الوطني الأول الذي رفض الإنتداب البريطاني ووعد بلفور قبله ، وإستقبل شيوخ بني حسن في قرية رحاب سلطان باشا الأطرش لما إحتمى بهم بعد حادثة محاولة إغتيال القائد الفرنسي غورو في دمشق ، ويشهد لهم القريب والبعيد أنهم زودوا المناضلين العرب في فلسطين بالسلاح والعتاد، ومنهم الشيخ المجاهد حسن الحامد المعلا في غريسا.عند بدايات تأسيس الدولة قاد الشيخ مكازي أخو رشيدة الخزاعلة في رحاب صلحا كبيرا بين قبيلة بني صخر وبدو الشمال وعشائر الرمثا وعجلون والمعروف بصلح " الرميث". وساهم في توطيد دعائم الإستقرار في إمارة شرق الأردن.بني حسن ثبتوا في أراضيهم التي كانت في بداية القرن العشرين تبلغ مساحة الضفة الغربية على إمتداد إربع محافظات من عمان إلى الزرقاء وجرش والمفرق ، يسكنون مئات القرى ولكل قرية عين ماء ، لم يغزوا يوما ، ولم يعتدوا على أحد ، وكانوا فزعة لكل جار وسيفا على كل معتدي ، وكان بيت الشيخ ابن قلاب قاضيا للدم للبلقاء عامة ، لا ترد له كلمة ولا ينقض أحد حكمه.ولأن الفروسية لم تغادر بيوتهم وأبنائهم ، منذ أن قاد حسين بن قلاب مع ابن عدوان "حلف البلقاء" يوم "الجمع الأبيض" فزعة للسلط ضد المعتدين، وحديثا شكّلت حادثة إستشهاد الشهيد الرائد البطل راشد الزيود عام ٢٠١٧ قصة فخر وإقدام يضرب فيها المثل للأحفاد ليمنح كأول أردني وسام الإقدام والتضحية المرصع، وقبله قام الشهيد الطيار النقيب أحمد توفيق الزيود بإبعاد طائرة C130 التي يقودها عن مدينة الزرقاء عام ٢٠٠٠ ، عندما ذهب بها نحو صحراء سهل الدبة، بعدما أصابها خلل فني وإستشهد من فيها ، وليمنع كارثة لا سمح الله.لسنا اليوم لنثبت قصص بطولاتنا وولائنا، فبنو حسن جزء أصيل من قبائل وعشائر الأردن الذين قدموا التضحيات تلو التضحيات ليبقى الأردن وفلسطين ،وهو واجب غير محمودين فيه،سجلهم ناصع وهم القابضون على جمر بلادهم دون منّة، ورغم فقر قراهم وشّح مناصبهم في الدولة، إلا أنهم كانوا في المقدمة عندما ينادي الوطن، والتاريخ يخلّد الأبطال والكرماء والشعراء والصادقين ولا يذكر الساقطين والخونة والجبناء.وكما قال شاعر الأردن الكبير حبيب الزيودي الذي ذاب في حب بلادنا : "أولئك الصيد آبائي وما عرفت قصائدي بعدهم أهلا ولا نسبا نادتهم الأرض فامتدوا بها شجراوأوجبوا لنداء الأرض ما وجبــا شبّوا على رملها الغاوي ولوحهموموّجوا الخيل في ساحاتنا خببا".وقبل ذلك قال حبّا لبلادنا وزاهدا بكل غنيمة: "لقد روينا كرومَ الدار من دمنا وما نطرنا بها تينا ولا عنبا"
