أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات دين بنوك وشركات خليجيات مغاربيات ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الدوابشة يكتب: تجارة باسم البداوة


سليم الدوابشة

الدوابشة يكتب: تجارة باسم البداوة

مدار الساعة ـ

قد يتعجب الكثيرون من السياق الذي سأطرحه اليوم، حيث يتعلق بفئة من الأشخاص قد اتخذت من التراث البدوي وسيلة للبحث عن فرص شخصية في ظل الظروف الاجتماعية والسياسية الراهنة.

ومع ذلك، أرى أنه من الضروري التنويه عن هذه الفئة، بناءً على معرفتي الشخصية بها، لنكشف عن التناقضات التي تكمن في سلوكياتها وكيفية استغلالها للهوية التقليدية.

دعوني أبدأ بتسليط الضوء على أبرز الصفات التي تميز هذه الفئة، والتي تكشف عن ازدواجية في المواقف تجعلها تبدو كالمتاجرين باسم البداوة:

أولاً، أمام المحافل الدولية والمنظمات الداعمة للمجتمع المدني، يتم استخدام هذه الفئة كأدوات لإظهار أن هناك شريحة واسعة من المجتمع البدوي تتبنى النهج الحضاري والديمقراطي بشكل مبالغ فيه.

إنهم يستغلون اسم العشيرة أو التراث البدوي ليصعدوا السلم الاجتماعي، محظين باهتمام كبير من المشاركين الدوليين.

ويأتي هذا الاستغلال في سياق قلة اندماج المجتمع البدوي التقليدي في ما يُعرف بدولة المجتمع المدني أو التيار المدني الحديث، مما يجعلهم يبدون كجسر بين التراث والحداثة.

هكذا، يظهرون أنفسهم كرمز للتقدم أمام هذه المحافل وأتباع التيار المدني، مستفيدين من الدعم المالي أو السياسي الذي يأتي مع ذلك.

أما أمام المجتمع المحلي، فإنهم يرتدون قناعاً آخر تماماً: يصورون أنفسهم كالمتحفظين والمحافظين على التراث الأصيل، كأنهم من أشد المدافعين عن الفكر اليميني التقليدي فيما يتعلق بالعادات، التقاليد، ونمط الحياة البدوي.

بل إنهم يهاجمون بشراسة كل أشكال التيار المدني الحديث، ويستهدفون أصحاب رأس المال والمؤسسات الاقتصادية، محاولين تصويرها كتهديد للهوية الثقافية.

وفي الواقع، هذا السلوك ليس سوى غطاء لاستخدام أفراد المجتمع كوقود لقضاياهم الشخصية؛ فهم يحشدونهم كقاعدة شعبية عند الحاجة، لدعم توجهاتهم أمام أصحاب القرار المحليين، ثم يتخلون عنهم بمجرد تحقيق أهدافهم.

في النهاية، هذه الفئة تمثل نموذجاً للازدواجية الاجتماعية، حيث تتاجر بالهوية البدوية لتحقيق مكاسب شخصية، دون التزام حقيقي بقيمها أو تقدمها.

ربما حان الوقت لنكشف هذه الأقنعة، لنحمي التراث الحقيقي من الاستغلال ونعزز اندماجاً صادقاً بين التقليد والحداثة.

مدار الساعة ـ