أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات دين بنوك وشركات خليجيات مغاربيات ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

بين الانطباع والواقع: قراءة آراء الناس بين الانطباع الالكتروني والواقع المجتمعي

مدار الساعة,مناسبات أردنية,الجامعة الأردنية,وسائل التواصل الاجتماعي
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة - كتبت رنا عياش -

من خلال عملي لست سنوات في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، تعلمت أن إصدار الأحكام على أي حدث لا يتم من زاوية واحدة، بل من خلال قراءة السياقات المتعددة: المكان، البيئة الاجتماعية، ظروف العمل، الخلفية الثقافية، الهوية، التحصيل العلمي، والاتجاهات السياسية. فالرأي لا يُصنع من الحدث وحده، بل من محيطه الكامل. واراء نسبة كبيرة من الذين نأخذ بهم.

هكذا وقتها علمني الدكتور وليد الخطيب مدير دائرة استطلاعات الرأي العام والمسوحات المدرسة الاستقرائية في المركز بكيف نأخذ قراءات الاستطلاع وتحليلها والاستنتاج مع خبراء من المفكرين والبحاث واساتذة النظرية السياسية امثال الاستاذ الدكتور محمد ابو رمان المستشار الأكاديمي لمعهد السياسة والمجتمع والاستاذ ابراهيم غرايبة والدكتورة فاطمة الزبيدي.. وهذا الطريق العلمي المحكم الذي يسير به المركز بادارة الاستاذ الدكتور حسن المومني متسيدين هذا المجال لبعدهم عن اظهار المجاملة واظهار النتيجه العلمية. وكل دراسة تنشر لهم نرى كيفية اخذ العينات لاظهار النتيجه والتي طبيعيا ان يتم الخلاف عليها. لمن يقرأ المشهد بوجهة نظره هو.

تلك الخبرة التي اكتسبتها تعطيني اليوم قدرة على تمييز ردود الفعل في المجتمع ووسائل التواصل منها ما اعتبره استقراء حقيقي واخر .. بعيد عن ذلك يشكل وجهة نظر معينة.

علينا ان ندرك جميعا هناك تنوع بالمجتمع واختلاف بالثقافات والعادات وتقبل الامور ورفضها. وما ترفضه انت يقبله غيرك لذلك قلنا الاستقراء العلمي بنوع بأماكن الاستطلاع فلا يمكن ان نسأل مثلا بعمان الغربية عن اثر ارتفاع زيت الزيتون 20 دينارا وتكون نفس النتائج لو سألنا عن اثر الارتفاع باحياء فقيرة ..

كذلك بالاخبار السياسية والفنية. ومشكلتنا دوما حكم العينة وليس المجموع. خصوصا هناك نسبة كبيرة تلتزم الصمت لما تفضل حتى لا تصطدم برأي الاخرين الرافض له.

اليوم، تتحول الأخبار إلى "ترند" خلال ساعات، ثم تختفي قبل أن يبدأ يوم جديد. نرى موجات من التعليقات والآراء على السوشيال ميديا، وقد تقتطف جملة من بودكاست طويل أو يعترض على فعالية عامة، ثم نتفاجأ لاحقا بأن تذاكر الفعالية نفسها تباع في السوق السوداء بأسعار مرتفعة. هذه المفارقات تظهر أن ما يتصدر المشهد الرقمي قد لا يعكس الواقع الفعلي.

العمل البحثي علمني أن الحكم المنهجي لا يشبه الحكم العاطفي. المنهجي يعتمد على استطلاع فئات متعددة، كثير منها لا يعبر عن رأيه علنا، بينما الفئة الأكثر صخبا على الإنترنت تمثل وجهة نظرها فقط، لا رأي المجتمع كله.

لذلك، للوصول إلى نتائج موضوعية، يجب طرح أسئلة شاملة، والاتجاه إلى مصادر متنوعة، وأصوات مختلفة في الخلفية والثقافة والتجربة. أما وسائل التواصل الاجتماعي، فهي مساحة مهمة للملاحظة ورصد ردود الفعل الانفعالية، لكنها ليست مرجعا نهائيا للحقيقة، ولا يمكن الاعتماد عليها لقياس الرأي العام بدقة.


مدار الساعة ـ