مدار الساعة - كتب محمد اليحيا المحارمة -
جاءت الزيارة الرسمية التي قام بها جلالة الملك عبدالله الثاني إلى جمهورية فيتنام لتُجسد نموذجاً متقدماً من الدبلوماسية الاقتصادية التي تعتمد على فتح الأسواق وتعزيز الشراكات وبناء جسور تعاون عابرة للقارات. وقد تشرفت بمرافقة جلالته في هذه الزيارة التي عكست منذ لحظتها الأولى إدراكاً ملكياً عميقاً لأهمية توسيع الحضور الأردني في آسيا، والاستفادة من التجارب الاقتصادية التي حققت نجاحات ملفتة في الابتكار، التصنيع، الأمن الغذائي، وجذب الاستثمارات العالمية.وفي الجلسة الافتتاحية لملتقى الأعمال الأردني – الفيتنامي، قدّم جلالته خطاباً رفيعاً عبّر من خلاله عن رؤية اقتصادية شاملة تقوم على الاستفادة المتبادلة من المزايا الاستثمارية بين البلدين، وتفعيل التعاون في قطاعات يمكن أن تشكل قاعدة تكامل اقتصادي، مثل الصناعات الدوائية والمعدات الطبية والإلكترونيات والمحيكات والزراعة والخدمات اللوجستية، وقد لمس جميع الحضور وضوح الطرح الملكي ودقّته، وهو ما انعكس سريعاً في تفاعل الجانب الفيتنامي واستعداده للتعاون.ولمستُ خلال جلسات التشبيك والحوار التي تشرفت بالمشاركة بها مع رجال الأعمال الفيتناميين انطباعات بالغة الإيجابية تجاه الأردن، عبّر عنها العديد منهم بإعجاب صريح بالطريقة التي قدم بها جلالة الملك الأردن، وباهتمامه المباشر بالقطاع الخاص، وبقدرته على الحديث بلغة المستثمر وفهم التحديات والفرص على حد سواء، وقد شكّل هذا الانطباع نقطة تحول مهمة، إذ رأينا بوضوح كيف عزز حضور جلالته ثقة الشركات الفيتنامية بجدية الأردن واستعداده للشراكات الاستثمارية طويلة المدى.كما جاءت اللقاءات الرسمية التي عقدها جلالته مع الرئيس الفيتنامي ورئيس الوزراء لتضيف بعداً استراتيجياً للزيارة، حيث تركز الحوار على مأسسة التعاون الاقتصادي والدفاعي والسياحي والزراعي، وفتح مجالات جديدة للشراكات الصناعية والتجارية، بما يعزز قدرة البلدين على بناء نموذج تعاون يرتكز على التنويع والانفتاح والقيم المشتركة، وبرز خلال هذه اللقاءات اهتمام واضح من الجانب الفيتنامي بالاستفادة من البيئة الاستثمارية الأردنية، خصوصاً في قطاع المحيكات الذي يشكل أحد أعمدة صادرات المملكة.ومن موقعي كنائب في مجلس الأمة، ومستثمراً في قطاعات متعددة، فإن ما شهدته عن قرب خلال هذه الزيارة منحني إدراكاً أعمق لطبيعة الجهد الذي يبذله جلالة الملك لتعزيز مكانة الأردن في الاقتصاد العالمي، وقد عززت هذه التجربة قناعتي بأن نجاح هذا الحراك الملكي يتطلب توازياً في الجهد الداخلي من خلال تطوير التشريعات، وتسهيل الإجراءات، وتمكين القطاع الخاص ليكون قادراً على تحويل الفرص التي تُفتح في الخارج إلى مشاريع واقعية على أرض المملكة.إن ما تحقق في فيتنام ليس حدثاً عابراً، بل خطوة متقدمة في مسار يهدف إلى تعزيز حضور الأردن كدولة جاذبة للاستثمار، وقادرة على بناء شراكات استراتيجية مع دول رائدة في النمو الاقتصادي، وقد جاءت الزيارة لتؤكد أن الأردن، بقيادته الهاشمية، يملك القدرة على تجاوز التحديات وتحويل موقعه الجغرافي ورصيده السياسي إلى فرص اقتصادية حقيقية، وأن المستقبل يحمل آفاقاً أكثر اتساعاً إذا ما استثمرنا بوعي في هذا الحراك المتقدم.المحارمة يكتب: في حضرة الملك.. خطوة جديدة في تعزيز مكانة الأردن على الخارطة الاقتصادية العالمية
مدار الساعة ـ











