مدار الساعة -في اللحظة التي ظننت فيها أنه قد استنفذ ما يكفي من مهاراته، انطلق الرجل الغني في العالم ليطلق مشروعاً آخر.
فمنذ أيام، أطلق إيلون ماسك بفخر أحدث مشاريعه - ليس السيارات الكهربائية، ولا استكشاف الفضاء، ولا الأقمار الاصطناعية، ولا الأنفاق، ولا وسائل التواصل الاجتماعي، ولا غرسات الدماغ، ولا إعادة هيكلة الدولة الإدارية، ولا حزباً سياسياً جديداً، بل شيئاً أكثر جوهرية: نسخة جديدة من الحقيقة.«الهدف هنا هو إنشاء مجموعة شاملة مفتوحة المصدر لجميع المعارف»، هذا ما نشره ماسك على منصة «إكس» يوم الثلاثاء، بعد يوم من إطلاق شركته «إكس أيه آي» أول نسخة 0.1 من «جروكيبيديا»، وهي موسوعة إلكترونية مدعومة بالذكاء الاصطناعي.«ثم نضع نسخاً منها محفورة في أكسيد مستقر في مدار القمر والمريخ لحفظها للمستقبل».إن ماسك، الذي أطلق على ويكيبيديا، التي تبنى عليها «جروكيبيديا» اسم «ووكيبيديا» ووصف الموقع بأنه «امتداد للدعاية الإعلامية القديمة»، يظهر فهماً سطحياً للمعرفة البشرية.ففي النهاية، حتى أفضل تقديراتنا لما هو صحيح تتغير باستمرار، مع ظهور حقائق وتطورات جديدة، ومع تغير القيم التي تشكل فهمنا.هل لديه وجهة نظر حول بعض مقالات ويكيبيديا التي تنطوي على تحيز «ليبرالي» أو يساري يحجب أو يفشل في تقديم نسخة كاملة وعادلة من الحقيقة؟ نعم.ما عليك سوى البحث عن مدخل «نظرية التسرب بمختبر كوفيد 19» كمثال.على الرغم من أن ثلثي الأمريكيين في دراسة أجرتها يوجوف وإيكونوميست عام 2023 قالوا إنهم يعتقدون أن الفيروس نشأ في مختبر صيني وليس، كما كان يعتقد في البداية، سوقاً رطبة.وقد تم وصف ذلك في الجملة الثانية بأنه ادعاء «مثير للجدل للغاية»، بينما ورد أن «العديد من السيناريوهات المقترحة لمسألة التسرب من المختبر هي سمة من سمات نظريات المؤامرة» - كما أنه لم تكن هناك أسباب مشروعة وغير تآمرية للاعتقاد بها.في الواقع، كتب لاري سانجر، أحد مؤسسي الموقع، الشهر الماضي، مقالاً طويلاً يجادل فيه بأن بعض المعايير التي بني عليها الموقع - الذي يستخدم آلاف المحررين المتطوعين - «يتم التضحية بها لصالح الأيديولوجية»، واقترح تسع طرق لإصلاحها.لكن من المضحك أن أياً من اقتراحات سانجر لم يتضمن إنشاء نسخة مقلدة من ويكيبيديا مدعومة بالذكاء الاصطناعي، رديئة الجودة، وبالكاد قابلة للقراءة، مع ميل غريب إلى ماسك ورؤيته للعالم.عليك أن تذهب وتلقي نظرة عليها وستفهم ما أقصده. ستجد الناشط اليميني المتطرف تومي روبنسون موصوفاً بأنه «صحفي مواطن» بعبارات متوهجة في الجمل الأولى من مدخله.وسترى فقدان إيلون ماسك لوزنه البالغ 20 رطلاً بارزاً كما لو كانت هذه معلومات مهمة، وستكتشف أنه يمكن أن يعزى إلى الصيام المتقطع (بدلاً من حقن مونجارو).وهكذا، فإنه بدلاً من إعداد منافس جدي لـ«ويكيبيديا» سجل ماسك هدفاً عكسياً في مرماه.يظهر موقع «جروكيبيديا» أنه على الرغم من أن البشر قد يكونون كائنات ناقصة للغاية ومتحيزة وقبلية، إلا أنهم لا يزالون أفضل من الذكاء الاصطناعي في الوصول إلى الحقيقة (حتى عندما يكون لدى غالبيتهم تحيزات «ليبرالية»)، ويظهر أنه في عالم تستنزف فيه مخازن الثقة، ويصعب فيه التمييز بين الحقيقي والمزيف، فإن موقعاً مثل ويكيبيديا أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى.وحتى «جروك»، روبوت دردشة «إكس أيه آي» الذي سمي الموقع الجديد باسمه، أخبرني أنه «بينما يحسن «جروكيبيديا» عيوباً معينة في ويكيبيديا - مثل الإدخالات المطولة والنقدية للغاية حول الموضوعات المحافظة - فإن بوابته التي يتحكم بها الذكاء الاصطناعي تنشئ مرشحاً مركزياً، يفتقر إلى الضوابط التي توفرها ويكيبيديا»، وأنه «يستبدل مجموعة من التحيزات بأخرى، وغالباً بمساءلة أقل».وهكذا، فإن حملات ماسك ستستمر بالتأكيد. وفي الواقع، أنا مندهشة للغاية لأنه لم ينشئ حتى الآن صحيفته الخاصة، المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والمحايدة تماماً، والتي تؤتمت جميع العمليات البسيطة الرائعة التي أمضى قطاعنا قروناً في صقلها، والتي يمكنه بعد ذلك نقشها على أكسيد مستقر وإطلاقها في مدارها. وما علينا إلا أن نراقب هذا الفضاء الخارجي.عن هدف إيلون ماسك من إطلاق 'جروكيبيديا'
    
    مدار الساعة  ـ 











