مدار الساعة - كتب: الوزير السابق نضال البطاينة -
لا ربطات عنق فاخرة ولا بدلات ثمينة، فالفوتيك وبدلات السفاري أبلغ من كل القصائد. يمثّل بطلّته هيبة وحنو الدولة، نادراً ما يبتسم، ملامح جدّية دائماً، لا يخرج عن النص ولا يتوارى عند الشدايد. كشرته أخذت من تجاعيد وجهه قِسطاً كبيراً، تقاسيم الرجولة في وجهه، كل ذلك يقول بأنه أردني كامل الدسم.وصفي التل، علّمنا بأن السياسي ليس فقط من يجلس خلف المكتب ويتخذ القرارات؛ بل هو من يقف في قلب المعركة وعلى خط النار، ففي جدّيته وحزمه كان يدير مشاريع وطنية ما زالت شاهده حتى هذه اللحظة، يعرف أن هناك مقداراً لكلماته فيوزنها ويُعِدّها كلمة كلمة دون تكلف ولا جناس أو طباق، مثل عدد رصاصات مسدسه ولا يحيد عن الهدف أبداً، بالنسبة له الدقة مطلوبة والخطأ غير وارد، أو أن الخطأ في وقت الحسم خيانة عظمى تستدعي الحسم والحزم معاً.يحقّ لنا أن نفخر بالأردنيين، بمن يشبهون صوان بلادنا، بالذين يعرفون الرشاد والعكوب والحميض والمزنرة والذين يميزون بين الجعدة والدنيدلة، ويعرفون سناسل وينابيع القرى مثلما يعرفون وجوه أمهاتهم، وكانت غاية السعادة لديهم جلسة على ضفاف نهر اليرموك أو على قمم جبال السلط وعجلون، هؤلاء هم الرجال الرجال الذين قال فيهم الشاعر "يعشقون الورد ولكن يعشقون الأرض أكثر".وصفي ومثله الكثيرون هم قمح بلادنا ودحنونها، هم زيتون الكفارات وتين بيادر وادي السير "يطيب للناس فتألفه"، هم كقلعة الكرك شامخة مرتفعة وتحمل في طياتها الكثير من الأسرار ولكن لا تبوح بها عندما يشتد الكرب بل تبقى محافظة عليها كي لا تضر بمصلحة أهلها، هم من رووا عطش الأرض بدمائهم الزكيّة، لنصير على ما نحن عليه الآن، فلا شلل ولا طبطبة ولا تهاون عندما يتعلّق الأمر بالوطن، و يعملون بصمت دون ضجيج. لروح وصفي ولمن سبقه ولحقه من شهدائنا الأبرار الرحمة والغفران، ونسأل الله أن يحفظ الأردن حراً هاشمياً قوياً وسياج الوطن عشائره وقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية".نضال البطاينة يكتب: في ذكرى إستشهاده، 'يا مهديات الهدب غنن على وصفي'
مدار الساعة ـ











