مدار الساعة -نيكولا تسلا، العبقري الغريب الأطوار الذي قدم للعالم الكهرباء المتناوبة، لم يقتصر اهتمامه على إنارة المنازل وتشغيل الأجهزة الكهربائية، بل تجاوز ذلك ليخوض في عالم الأسلحة المستقبلية، ففي ثلاثينات القرن الماضي، ومع تصاعد التوترات الدولية واقتراب العالم من حرب عالمية ثانية، أعلن تسلا عن اختراعه المثير للجدل، سلاح شعاع جسيمي يُعرف اليوم باسم "شعاع الموت"، وادعى أنه قادر على إسقاط أساطيل من الطائرات المعادية على مسافات شاسعة.
أطلق تسلا على اختراعه اسم "التلي فورس" (Teleforce)، إلا أن الصحف أطلقت عليه لقب "شعاع الموت" لجاذبية العنوان وإثارته للرأي العام، ولم تكن الفكرة مجرد خيال علمي، بل استندت إلى أبحاثه المتقدمة في مجال الكهرباء عالية الجهد وتسريع الجسيمات، حيث تخيل جهازا قادرا على إطلاق شعاع مكثف من الجسيمات المشحونة يمكنه توجيه قوة تدميرية هائلة نحو أهداف بعيدة.وكان تسلا يؤكد أن هذا الاختراع يمكن أن يبني "جدارا دفاعيا" لأي دولة، ويجعل الحروب غير ضرورية من خلال ضمان التعرض المتبادل للدمار.ظهر مفهوم "شعاع الموت" في فترة حرجة تاريخيا، حيث كانت القوى العسكرية العالمية تتسابق لتطوير تكنولوجيا تمنحها التفوق، وعرض تسلا اختراعه على عدة حكومات، بينها الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والاتحاد السوفييتي، ويوغوسلافيا، وفقا لـ History Snob. وفي مقابلات عام 1934، كشف تسلا أنه تلقى عرضا بقيمة 25 مليون دولار من الحكومة السوفييتية لبناء الجهاز، لكنه رفض العرض، أما الولايات المتحدة، فقد أبدت اهتماما مبدئيا لكنها لم تمول المشروع، ما دفع تسلا للاستمرار في تطويره بشكل مستقل.عقب وفاة تسلا عام 1943، انتشرت شائعات حول استيلاء عملاء حكوميين على أوراق متعلقة بـ "شعاع الموت" من غرفته بالفندق، وهو ما أثار عقودا من التكهنات حول إمكانية تطوير التكنولوجيا سرا من قبل القوى العسكرية.وتقدم الفيزياء الحديثة تفسيرا أكثر تحفظا، فبينما توجد اليوم أسلحة شعاع الجسيمات والطاقة الموجهة، فإنها تواجه قيودا كبيرة مثل تشتت الجسيمات في الهواء، ومتطلبات الطاقة الضخمة، والحفاظ على دقة الاستهداف على مسافات بعيدة، هذه القيود تقلل من فعالية السلاح مقارنة بالادعاءات الطموحة لتسلا.رغم ذلك، يُعتبر مفهوم تسلا استباقيا، حيث يعتمد على نفس المبادئ التي تعمل بها الأسلحة الحديثة للطاقة الموجهة، لكنه بقي أكثر طموحا وحدسية من التطبيقات العسكرية الحالية، وبينما يظل "شعاع الموت" جزءا من أساطير العلوم والهندسة، فإن إرث تسلا العلمي يثبت مرة أخرى أنه كان دائما متقدمً على زمانه، مستشرفا مستقبل التكنولوجيا العسكرية والمدنية على حد سواء.هو عالم ومخترع ومهندس كهربائي ومهندس ميكانيكي من أصل صربي وُلد في 10 يوليو 1856 في قرية سميلجان (اليوم جزء من كرواتيا) وتوفي في 7 يناير 1943 في نيويورك، الولايات المتحدة، ويُعتبر تسلا أحد أعظم العباقرة في تاريخ العلوم والهندسة الكهربائية، وقد كان له دور محوري في تطوير تقنيات الكهرباء الحديثة.أبرز إنجازاته ومساهماته:التيار المتردد (AC):تسلا كان من أبرز المدافعين عن نظام التيار المتردد، وهو النظام الذي يستخدم اليوم لنقل الكهرباء لمسافات طويلة، في مقابل التيار المستمر الذي كان يروج له توماس إديسون.المحركات والمولدات الكهربائية:اخترع محركات ومولدات تعمل بالتيار المتردد، وساهم بذلك في ثورة صناعية حقيقية في مجال الكهرباء والطاقة.الملفات والمحولات الكهربائية:ابتكر "ملف تسلا" الذي يستخدم لتوليد تيارات كهربائية عالية التردد، والذي أصبح أساساً للعديد من التجارب في الكهرباء اللاسلكية والرنين الكهربائي.التجارب على الطاقة اللاسلكية:كان متقدماً جداً في رؤيته لنقل الطاقة والمعلومات لاسلكياً، وقد قام بتجارب على إرسال الكهرباء عبر الهواء، وهو ما يُعتبر مقدمة لما يعرف اليوم بالاتصالات اللاسلكية والواي فاي.أفكار مستقبلية:تسلا طرح أفكاراً لم تُنفذ بالكامل في حياته، مثل الطاقة الحرة والطاقة العالمية المجانية، والتي لا تزال تلهم العلماء والمخترعين حتى اليوم.تسلا كان معروفاً بشخصيته الغريبة بعض الشيء، واهتمامه بالأرقام والرموز، وقد عاش في فقر نسبي رغم إنجازاته العلمية الكبيرة، اليوم يُحتفل به كرمز للعبقرية العلمية والإبداع التكنولوجي.السلاح المفقود: ما هي أسرار 'شعاع الموت' الذي صممه تسلا والقادر على تدمير جيوش بأكملها؟
مدار الساعة ـ










